تحذير المسلمين من تمدد كفار الصين (10) الشيخ محمد بن إبراهيم المصري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين؛ مثل كفار الصين الهمجيين الوحشيين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وخير خلق الله أجمعين؛ رسول الله محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد...
فإن الصين الشيوعية الملحدة الطاغوتية ما زالت تغتر(1)وتغر المغفلين الجهلة الضائعين، وما زالت ماضية تجتاح كل بلاد العالم تقريبًا، لا أقول من غير مواجهة، بل من غير إدراك لحقيقة ما تريد عند أكثر الناس في العالم كله، وكأن لهم عهدًا بأن الصينيين الهمجيين الملحدين سيبلغون حدًّا لن يتجاوزوه، أو أنهم مسالمون أصحاب تجارة ومال فقط ... إلى آخر الجهالات التي ما زالت موجودة في أذهان كثيرين.
وهذا تقرير نشر في بعض وسائل الإعلام العربية(2) أحببت أن يطلع المسلمون عمومًا، وطلاب العلم خصوصًا على ما فيه، والله تعالى الموفق، وعليه وحده الاتكال.
بدأ التاريخ الحديث للاستخبارات الصينية في عشرينيات القرن الماضي، على يد شخص يدعى (شيانغ كاي شيك)، هو الرجل ذاته الذي قاد حملة توحيد الصين، وأصبح أول رئيس فيها عام 1928.
لكن أول جهاز استخبارات هيكلي في تاريخ البلاد ظهر على يد الشيوعي (كانغ شنغ) في أربعينيات القرن الماضي، وكان اسمه «إدارة الشئون الاجتماعية».
بقي نشاط الاستخبارات الصينية محليًّا طيلة عقود، ولم يبدأ نشاطها الخارجي حتى منتصف الخمسينيات، بعد إنشاء ما يعرف بـ«إدارة التحقيقات المركزية» ليقع التحول الكبير.
مع صعود (دنغ شياو بينغ) إلى رئاسة الصين منتصف السبعينيات بدأ العهد الذهبي للاستخبارات، عبر تأسيس «وزارة أمن الدولة» التي تحولت إلى جهاز الاستخبارات الرئيسي في البلاد، وباتت جميع الهياكل الاستخباراتية؛ الرسمية منها، وغير الرسمية -باستثناء الجيش- تحت إدارتها.
وبذلك لم تَعُدِ السفارات منصات التجسس الأساسية؛ بل الصحفيون! ورجال الأعمال! والطلاب! وحتى الشركات!!!
شبكة الاستخبارات
إذن؛ وزارة أمن الدولة هي أعلى سلطة استخباراتية في البلاد، وتعتمد على وحدات العمل «دانوي» التي تربط جميع المواطنين بالحزب الشيوعي، وتحوي قسمًا أمنيًّا يحتفظ بجميع ملفات أعضائها، وتواريخ عائلاتهم، وتوجهاتهم السياسية.
وكعضو في أي وحدة عمل فإنك قابل للتجنيد للقيام بأي مهمة نيابة عن الوطن(3)؛ بما في ذلك الإبلاغ عن زملائك، وأصدقائك، وأفراد عائلتك.
ولدينا أيضًا: «وزارة الأمن العام» التي تجند الوكلاء من ذوي المهارات المتدنية، وقد تقوم بإرسال عشرات الأشخاص لتنفيذ المهمة نفسها بهدف الوصول لأكبر قدر من المعلومات وتحليلها وصولًا لنتائج دقيقة.
أما الاستخبارات العسكرية:فتكتفي بالتجسس على التقنيات الأجنبية لتطوير الجيش، وجمع المعلومات التي تتعلق بالحدود من خلال عملائها في فيتنام، وماكاو، وتايوان، وهونغ كونغ.
كما تعمل على عقد صفقات عسكرية لبيع السلاح الصيني حول العالم تحت غطاء وسطاء الأسلحة الدوليين، بالإضافة لتجنيد الدبلوماسيين والعملاء الأجانب.
وفوق كل ذلك:هناك المكتب السابع لإدارة العمليات الاستخباراتية السيبرانية عبر تجنيد آلاف القراصنة الإلكترونيين؛ ليظهر نوع من العملاء تحت اسم: (أسماك قاع المحيط).
هؤلاء مهمتهم الأساسية:جمع المعلومات، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر الشائعات في البلدان التي يعيشون فيها.
تتنوع الأجهزة، وتتعدد مهامها، لكن الصادم أن حوالي 70% من عمليات الصين الاستخباراتية تتم عبر هيئات غير استخباراتية؛ مثل: الجامعات، ووسائل الإعلام، والشركات، وفق سياسة «قطع الفسيفساء» التي تقوم على جمع أكبر قدر من المعلومات؛ للحصول على أدق النتائج.(4)
وتبلغ مساهمة الشركات الخاصة والعامة منذ عام 2000: نحو 48% من حالات التجسس المسجلة، وهي نسبة تفوق نسبة مساهمة «وزارة أمن الدولة»، والاستخبارات العسكرية بأكثر من 7%.
داربا الصينية
على نهج أميركا تمتلك الصين (وكالة الدفاع الوطني لشئون العلوم والتكنولوجيا والصناعة) «ساستيند»، وهي المعادل الصيني لـ(وكالة مشاريع البحوث الدفاعية الأمريكية المتطورة) «داربا».
ولا تبتعد الاستخبارات عن وكالة الأنباء الرسمية، وكذلك وزارة التعليم التي تتابع الطلاب المغتربين، وتجندهم للعمل الأمني.(5)
نرجو ألا تعجبك الفكرة، لكن على أية حال قد يثير فضولك معرفة بعض الإرشادات لتصبح ضابطًا في استخبارات الصين.
أولًا:يجب أن تكون جامعيًّا لم تسافر من قبل خارج البلاد.
ثانيًا:أن تتحدث أكثر من لغة.
وإذا كنت لا تعرف أي لغة، بسيطة، لا مشكلة؛ فالاستخبارات تخصص دروسًا مجانية.
ثالثًا:الإخلاص للأمة والحزب.(6)
وهنا إليك النصيحة الأهم: لا تحاول الانشقاق؛ فهناك المكتب التاسع في الأمن الداخلي، مهمته مواجهة أي انشقاقات محتملة، ومنعها.
ماذا يفعل الضابط؟
كل ضابط يقود عناصر تنتشر في جميع أنحاء العالم، قد يبلغون العشرات أو الألوف، وبحسب وثيقة سربتها «ويكيليكس» عن شركة الخدمات الاستخباراتية «ستراتفور»: يصل عدد المجندين في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها إلى مئات الآلاف بحسب تقديرات مركز التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وهذا ليس محصورًا على الأفراد، بل للشركات الوهمية التي يصل عددها إلى 3000 شركة.
ولتفهم أكثر مشهد الجاسوسية الصينية بأميركا يجب أن تعرف:
الجاسوس الأكثر نجاحًا في تاريخ الصين
(لاري وو تاي تشين)
مواطن أمريكي من أصول صينية، كان موظفًا في الاستخبارات الأمريكية لكنه كان في حقيقة الأمر عميلًا صينيًّا مزدوجًا.
ظل يعمل ثلاثين عامًا في الخفاء، حتى اكتشف أمره سنة 1984، وسجن، ثم مات في زنزانته منتحرًا عام 1986.
ماذا تريد الصين من التجسس؟
أكثر ما يهم الصين هو:التقنيات الصناعية الحديثة؛ العسكرية منها، وغير العسكرية.(7)
قد تفعل ذلك بطرق غير استخباراتية؛ مثل: برامج التبادل العلمي، أو: عبر الشركات الصينية الحكومية، والخاصة، وهو ما يمكن تسميته بـ(استخبارات الشركات في منظومة التجسس الصينية).
وبخلاف الشركات المحلية الصينية؛ فإنها تتجه لشراء شركات تقنية أجنبية لتعزيز نفوذها التقني؛ كما حدث مع شركة (Avatar Integrated Systems) الصينية، التي اشترت شركة تصميم الرقاقات الأمريكية (ATop Tech) عام 2018.
وهناك أيضًا الاستثمار المالي المباشر في شركات التكنولوجيا، حيث وصل الرقم في أميركا وحدها إلى نحو: 9.8 مليار دولار عام 2015.
لكن اكتساب المعرفة التقنية، والاستحواذ المالي: لا يَسُدُّ نَهَمَ الصين للتفوق التقني، وتحقيق شعار (صنع في الصين 2025)؛ لذلك تقوم بتجهز القراصنة للحصول على الأسرار التقنية، وسرقة براءات الاختراع.
وبحسب تقرير لمؤسسة «كراود سترايك» للأمن الإلكتروني، لعام 2018: كانت الصين أكثر الدول توظيفًا لخدمات القراصنة عالميًّا، واستعانت بهم لاختراق قطاعات التعدين، والأدوية، والنقل في أميركا!
وتمكنت الصين بوساطة رقاقات بحجم حبة أرز: من التجسس على شركة «سوبريميكو»؛ أكبر منتج للوحات المعالجة الأم في العالم، لتنتج نسخة صينية معدلة، بيعت لكبرى الشركات حول الأرض؛ مثل: أمازون، وآبل.
وليست أميركا مساحة التجسس الوحيدة؛ فأوروبا هي الأخرى محل اهتمام.(8)
أواخر عام 2010: قامت شركة «رينو» الفرنسية بإيقاف ثلاثة موظفين يعملون ضمن برنامجها المتطور لصناعة السيارات الكهربائية، واتهمتهم بتسريب أسرار برنامجها إلى الصين مقابل مبالغ مالية ضخمة.(9)
صفقة وصفت آنذاك بأنها أكبر استثمار مالي استخباراتي للصين منذ عهد «لاري تشين».
15% من الشركات الأوروبية أبلغت عن وقائع سرقة بيانات ما بين عامي 2015، 2017.
ولتعرف حجم المشكلة بالأرقام خذ هذه المعلومة:
تقدر فاتورة خسائر التجسس الإلكتروني في أوروبا وحدها: بأكثر من 60 مليار يورو سنويًّا.
الاقتصاد الأميركي يخسر سنويًّا قرابة 320 مليار دولار؛كفاتورة لسرقة الملكيات الفكرية.
ويقدر الكونغرس الأمريكي أن عمليات سرقة الملكيات الفكرية من قِبَلِ الصين أدت إلى:خسارة مليوني وظيفة في الولايات المتحدة.
في المقابل: فإن 8% من الناتج الإجمالي المحلي للصين يأتي من تزييف الأعمال الإبداعية، وتقليد البرمجيات، والمنتجات الصناعية الأجنبية.
ووصلت استخبارات الصين لمنحى خطير: عندما قامت بتجنيد ضابط سابق في الـ(سي آي إيه) يدعى (جيري تشون شينغ)(10)لتتمكن من اختراق برنامج الاتصالات المشفر للـ(سي آي إيه) وأوقفته تمامًا.
اختراق الـ(سي آي إيه) كشف عملاء أميركا في الصين التي قامت بإعدام 20 عميلًا صينيًّا يعملون لصالح الولايات المتحدة.
وتعد هذه أكبر خسارة استخباراتية أميركية خلال العقدين الماضيين.(11)
الصين لا تسعى فقط لتحقيق التفوق التجاري، لكنها تسعى لإثبات جدارتها بمنافسة الهيمنة الغربية، ولديها مقومات ذلك: ملايين من الجواسيس(12)».
-----------------------------------------------
([1])تغتر لأنها بعد ما سمي بسياسة الإصلاح والانفتاح، ومع قهر كثير من العمال واستعبادهم، تحولت إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم، لا تسبقها سوى الولايات المتحدة!!
وفيما يلي مجموعة أرقام تظهر كيف تم هذا التحول -كما نشر في «الشرق الأوسط» عدد (14631)-:
42: الرقم الذي تضاعف به الاقتصاد الصيني بين عامي 1980، و 2017، لتزيد قيمته من 305 مليارات دولار أميركي إلى 12.7 تريليون دولار؛ وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
620: عدد أصحاب مليارات الدولارات في الصين، وهم الأكثر في العالم؛ وفق صحيفة «هورون ريبورت» الصادرة من شنغهاي. ويتصدر مؤسس شركة «علي بابا» جاك ما هذه اللائحة بثروة تزيد على 39 مليار دولار.
1: تحتل الصين المرتبة الأولى كأكبر مصدّر في العالم، وصدّرت الصين ما يساوي 2.49 تريليون دولار من البضائع والخدمات في عام 2017، أي أكثر بكثير من الولايات المتحدة التي احتلت المرتبة الثانية. وفي عام 1980 بلغت قيمة الصادرات الصينية 21 مليار دولار أميركي؛ وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
10.2: معدل نسبة نمو الاقتصاد الصيني بين عامي 1980، و2016.
168: قيمة الاستثمارات الخارجية الصينية بمليارات الدولارات في عام 2017، فيما كانت تقريبًا منعدمة عام 1980.
216: قيمة الاستثمارات الصينية في الخارج بمليارات الدولارات لعام 2016.
90: الرقم الذي تضاعفت به قيمة الاستهلاك المنزلي في الصين بين عامي 1980، و2016؛ لترتفع من 49 مليار دولار إلى 4.4 تريليون دولار.
13.9: نسبة الثروة القومية لعام 2015، التي يمسك بها أصحاب الثروة الذين يشكلون واحدًا في المائة من عدد السكان، وارتفعت هذه النسبة من 6.4 في المائة لعام 1980 مع تزايد التفاوت الطبقي في البلاد. وفي الوقت الحالي يملك الأكثر فقرًا في البلاد نسبة 14.8 في المائة فقط من ثروتها القومية، مقارنة بـ26.7 في المائة لعام 1980.
5: الرقم الذي تضاعف به انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون بين 1980، و2014.
1.39 مليار نسمة وهو عدد سكان الصين في 2017 كان العدد 963 مليونًا عام 1978، ما يجعل الصين أكبر بلد من حيث عدد السكان. وفرضت الصين عام 1979 سياسة الطفل الواحد في مسعى منها للتخفيف من نمو سكانها، وتخلت عنها عام 2015 بسبب الزيادة في عدد المسنين على حساب صغار السن.
76: معدل الحياة المتوقع لعام 2016 في الصين، مقابل 66 عامًا في 1979.
4: نسبة الأميين عام 2010، وكانت 22 في المائة عام 1982».
(2) نُشر سنة 1440 [سنة 2019 (ن)] عبر «ميدان» (الجزيرة).
(3) بل عبادة للحزب والوثن!
(4) فليتدبر هذا المغفلون المشاركون في ومع الشركات، والجامعات، والمعاهد الصينية في الصين، أو في بلاد المسلمين.
(5) بل يجندون الطلاب من أبناء البلاد التي يندسون فيها ويدخلون، واقرأ الإعلان التالي -كما نشر في «البوابة التعليمية» في مصر-:
«ينظم مركز كونفشيوس بجامعة عين شمس دورة لتعليم اللغة الصينية للأطفال، وأعلن المركز بأن الدورة تستهدف الأطفال من سن 9 إلى 15 سنة وتستمر على مدى ثلاثة أشهر اعتبارًا من سبتمبر وحتى نوفمبر 2019.
ويذكر أن مركز كونفشيوس يقدم دورات تعليم اللغة الصينية لمختلف الأعمار من خلال نخبة من الأساتذة المتخصصين من كبريات الجامعات الصينية».
وهذا كله ليصبح هؤلاء الطلاب المغفلون مجندين، أو على الأقل متعاطفين متحمسين.
(6) أي: للأمة الصينية الملحدة الوثنية، والحزب الشيوعي الطاغوتي.
(7)التقنيات طريق، والذي يهمهم أكبر من مجرد هذا، وراجع المقالات السابقة.
(8) بل كل العالم، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)}[يوسف].
(ملاحظة):التقرير فيه قصور في إدراك الحقائق، وتصور أهداف كفار الصين الهمجيين الوحشيين الذين يسعون للسيطرة على كل العالم إن استطاعوا، مجددين لتاريخ أمثالهم من الكفار الهمج الوحشيين؛ كالمغول، وغيرهم.
(9) وفي جريدة «الشرق الأوسط» (سنة 2019) كتب ميشال أبو نجم:
«وحقيقة الأمر أن ما يشغل فرنسا، ومعها الأوروبيون هو أن بكين أخذت تنافس الأوروبيين في عقر دارهم من جهة، وفي مناطق نفوذهم التقليدية من جهة أخرى؛ كأفريقيا مثلًا؛ حيث الهجمة الصينية شاملة عامة».
قلت: صدق، فالهجمة الصينية شاملة عامة، وأكثر المسلمين في غفلة تامة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(10) فليحذر المسلمون، والناس في العالم كله من تجنيس الصينيين، بل من استقبال الصينيين، إلا أن تُعلم براءتهم من الحكومة الطاغوتية الصينية، وأيضًا مع الحذر والانتباه.
(11) وفي شهر ديسمبر سنة 2018 (ن) -كما في «الشرق الأوسط» عدد (14634)-:
«اتهمت وزارة العدل الأميركية، والخارجية البريطانية صينيين اثنين بقرصنة أنظمة معلومات شركات خاصة، ووكالات حكومية، في أكثر من عشرة بلدان، وزعمتا أنها حملة واسعة تحظى بدعم حكومة بكين بهدف التجسس الإلكتروني.
وقالت وزارة العدل: إن وكالة «ناسا»، والبحرية الأميركية كانتا من بين المستهدفين ببرنامج القرصنة الذي طال مصارف رئيسية وشركات اتصالات في 12 بلدًا».
(12) في الحقيقة هؤلاء الجواسيس مقدمات السيطرة العامة والاحتلال لكل بلاد العالم؛ كما كان المغول الهمجيون قديمًا يرسلون جواسيسهم، ويجندون لهم جواسيس من أهل البلاد التي يريدون احتلالها قبل أن يهاجموها، ويحتلوها، ويبيدوا أهلها -ربما بسنوات متعددة-، والله تعالى المستعان.